Thursday, January 06, 2011

6/1/2011

كانت واقفة بمحطة المترو بالقرب من شباك التذاكر بانتظار صديقتها ليبدآ إحدى جولاتهما الفلكلورية. كانت تشعر بقلق كبير: أولاً لأن اليوم والدتها نصحتها بألا تذهب في هذا المشوار نظراً لأنها ليلة عيد الميلاد المجيد و من المتوقع أن يحدث ’قلق‘ في البلد بعد حادث ليلة رأس السنة بالإسكندرية. ثانياً لأنها منذ أن بدأ اليوم و الحظ السئ يصاحبها و يأخرها عن ذلك المشوار فتفكر ربما هي علامات ان ربنا يريد أن يجنبها كارثة ما. كانت تتلفت تراقب الناس من حولها؛ هل من بينهم من هو مثير للشبهات؟!

في المترو كانت تراقب الناس في عربة السيدات و كأنهن من عالم آخر-أو لعلها هي من عالم آخر. مر طفل صغير لا يتعدى الخمس سنوات يوزع ورقة مطبوعة على كل سيدة. في البداية ظنت أنها دعاء و لكنها اكتشفت أنها طريقة مبتكرة للشحاذة. ’باختصار أنا طفل –كما ترون- و للقدر توفى والدي و أمي مريضة لا تستطيع أن تعمل؛ ساعدوني و لو بثمن رغيف العيش.’ مر الولد مرة أخرى يجمع فيها ورقاته. وقعَت في حيرتها المعتادة في مثل هذه المواقف: "أعمل ايه؟ أصدقه و أديله فلوس؟ طيب لو طلع كداب و أخدها يشم بيها كُلَة؟ يا ترى مين علمه يشحت بالطريقة دي؟" لم ترى أحداً يعطيه شئ مع الورقة إلا من سيدة واحدة تحدثت معه قليلاً ثم أعطته الورقة و ما فيه النصيب. غارت من الموقف و ظنت أنها كانت أولى أن تتخذ موقف كهذا.

في المترو، فتاة بأكياس كبيرة و كرتونة تُخرج منها أشياء بلاستيك ملونة و تبدأ بالصياح: "معايا قمع للعصير أو للممبار بجنيه و نص." لا أحد يعيرها انتباه في البداية، فتُخرج سلعتها التالية: "حد عايز مفرش تلاجة؟ معايا مفرش تلاجة و مش بيغطي كل الرف بيسيب مكان للبرودة تطلع منه." تبدأ السيدات في التساؤل عن مفرش التلاجة ثم تبدأ حركة البيع.

تنزل هي من المترو: "المترو ده عالم!"

في المحطة، اقترب رجل من صندوق اطفاء الحريق يحمل معه حقيبة بيضاء بلاستيكية مربوطة العنق و مكتظة بما فيها. وضع الكيس فوق الصندوق بعد أن وقف على شئ ليطال أعلى الصندوق. ابتعدَتْ بشكل لا إرادي و لكنها أبقت عينها على الرجل. فكرت أنها يجب أن تنظر إليه جيداً لتستطيع أن تصفه إذا ما طُلبت شهادتها بعد الانفجار- اذا نجت منه. بدأت تعيد على نفسها مواصفاته: "راجل كبير، أسمر بعمة على راسه و لابس لبس عمال النظافة". و لكنها لم تتمكن من رؤية وجهه. "و لكن لماذا قد يقوم أحدهم بتفجير محطة المترو؟!"

انتبهت أنها لا يجب أن تخف حتى لا يظهر عليها الضعف فتبدو فريسة سهلة للتحرش الذي يبدو سهل جداً وسط هذا الزحام. كل ذكر يمر من أمامها يستبيح أن ’يبحلق فيها و يجيبها من فوق لتحت’ بطريقة مستفزة تجعلها تفكر أن تفاجأ أحدهم باستهزاء: "أؤمر؟!" و لكنها تدرك أن رد الفعل المتوقع هو إما مزيد من ’التناحة’ –أو ربما ’البجاحة‘- أو : "انتي حد جه جنبك؟!" فبالتالي تتراجع عن الفكرة. ناهيك عن استهبال البعض و محاولات الاقتراب أكثر و أخذ ما هو أكثر من نظرة طويييييييلة. كانت تبتعد عن مجاله عندما تقرأ نية الاستهبال في طريقته. لا يوجد فتاة على وجه البسيطة إلا و لديها رادار خاص لالتقاط نوايا كتلك.

بين كل دقيقة و الأخرى كانت تقف أمامها سيدة أو اثنتان لسؤالها عن أي طريق يسلكن للخروج من المحطة إلى مكان معين. كانت ترتبك كلما اقترب منها أحد و لكنها كانت تتماسك و لا تظهر أي قلق و تشير لهن: "تقريباً من هنا". كانت السيدات يأخذن كلامها ثقة و فوراً يتجهن إلى حيث أشارت؛ على الرغم من "تقريباً". أخذت بعض الثقة بنفسها و أخذت تفكر : ’أنا جدع!’

فاجأها أنها حقاً خائفة و تشعر و كأنها طفل تاه عن أهله في الزحام. شعرت أنها تفتقد سيارتها التي تحتويها معظم الوقت و التي لم تأخذها اليوم لتفادي زحمة الطريق و لصعوبة وجود مكان لها في هذه المنطقة. شعرت أيضاً بافتقادها لخطيبها الذي توليه مسئولية أمنها عندما تكون معه و لا تقلق من سخافات أحد.

قالت لنفسها: "يعني البنت لازم تمشي جوه عربية أو معاها راجل عشان ماحدش يضايقها؟!

طيب و الانفجارات؟!

فعلاً البلد دي ما بقيتش أمان!"

Saturday, May 30, 2009

غراب




يُعتبر نذير شؤم لدرجة توترك بشكل لا إرادي و تجعلك تنتظر وقوع كارثة من العيار الثقيل إذا استيقظت على صوته في الصباح.
لا أدري إن كان لهذا الاعتقاد أساس في التراث أم أنه ارتبط بقصة ابني آدم إذ ربما تخيل أحد ما مشهد القتل و في الخلفية يدور نعيق الغربان فتناقل المشهد من مخيلته ليصبح صوت الغراب تحديداً مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالموت. أو ربما هو اعتقاد مبني علي مبدأ تشاؤمنا من كل ما هو أسود و يصدر صوتاً مزعجاً. و لكن ما يجرح هذا التحليل الأخير هو لماذا إذن لا نتشاءم من رؤية كلب أسود أو من سماع صوت الحمار الذي قال عنه الله سبحانه و تعالى أنه أنكر الأصوات و نكتفي فقط بذكر الله في الموقفين و الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم؟!

من جانبي فأنا أكن معزة خاصة جداً و احترام لهذا الكائن بل أنني أشفق عليه كثيراً من كم التشاؤم المنسب له و شخصياً لا أتشاءم منه. يرجع ذلك لفترة من حياتي قررت فيها ألا أتخذ مواقف تجاه الأشياء لمجرد أن من حولي يعتقدون ذلك و دون تفكير. أخذت علي كاهلي أن أراقب تصرفات الغراب قد أجده كائن كريه مثلاً فيعلل ذلك كره الناس له. و لكني وجدت العكس تماماُ.

بدايةً دوره في قصة ابني آدم كان دوراً نبيلاً حيث أرسله الله ليعلِم الأخ كيف < يداري سوأة أخيه > و هي قيمة لم يكن ليكتسبها الإنسان لولا الغراب.

كنت يوماً أجلس في حديقة فلاحظت مجموعة من الغربان واقفين علي الأرض. راقبت الموقف عن كثب فوجدت واحداً منهم يقترب من قطعة طعام ملقاة علي الأرض و الآخرون يشكلون نصف دائرة خلفه و لم يزاحمه أحدهم حتى انتهى من طعامه ثم دار دورة في الهواء و هبط لينضم لنصف الدائرة. أثناء ذلك كان غراباً آخر قد تقدم نحو الطعام و أيضاً دون مزاحمة من آخر. تكرر المشهد أمامي عدة مرات حتى نفذ الطعام فطاروا جميعاً ربما بحثاً عن طعام آخر لمن لم يأخذ قسطه من ذلك.

منذ أسبوع تقريباً على كوبري أكتوبر بينما كانت أختي تقود السيارة و أنا أستقل الكرسي بجوارها أدهشني مشهد غراب يقف على الرصيف في وسط الكوبري. في البداية استعجبت لوجوده على الأرض أساساً. كان الغراب يحاول عبور الطريق في خطوات تشبه البشر تماماً. كان يتقدم خطوة للأمام و يرجع خطوتين للخلف عند اقتراب سيارة إلى أن نجح في الوصول بمنقاره لقطعة من غراب آخر دهسته سيارة و جثته مفتتة على منتصف الممر إلى أقصى يسار الكوبري. أخذ قطعة من رأس صديقه و طار. استوقفني المشهد كثيراً و وددت لو أقف لأراقب الغراب يعود ليلملم باقي أشلاء الغراب الآخر و أرى أين يقوم بدفنه كما علمه ربه منذ بدء الخليقة.




Wednesday, February 18, 2009

دبلة الخطوبة





قبل حفل خطوبتنا بأيام ذهبنا سوياً لشراء الدبل . كنت أُخرِج دبلتي من العلبة كل يوم لأجربها في يدي ؛ كانت لامعة وأنيقة و تحمل إسمك علي جدارها الملامس لإصبعي . كانت ماما تقول لي :"بلاش تلبسيها إلا لما هو يلبسهالك." و لكني كنت أحب النظر إليها و تخيل لحظة أن تلبسني إياها و كيف سأعتاد علي وجودها الدائم حول إصبعي . جاء يوم الخطوبة و ألبستني إياها و ألبستك دبلتك التي تحمل إسمي بدورها . تُعجبني فكرة أن يحمل كلٌ منا إسم الآخر معه طوال الوقت .
في البداية كنت أستغرب وجودها الذي لابد أن يكون مستمر في يدي و في الحقيقة كانت تضايقني لأنني لم أكن معتادة علي ارتداء خاتم بيدي اليمني ؛ كانت تؤلمني عندما أكتب و عند النوم كنت أشعر أنها تخنق اصبعي و لكني كنت أدرك أنها مسألة وقت و سوف أعتاد عليها كما كنت أخبرك عندما لا تكف عن خلع دبلتك و ارتداءها مجدداً متعللاً بأنها تزعجك. كنت أحافظ عليها من أي خدش و أحاول أن أحافظ علي لمعانها . عندما خُدشَت أول مرة حزنت كثيراً . الآن و بعد حوالي ثمانية أشهر أمضتهم حول اصبعي أصبح بها بعض الخدوش و انطفأ لمعانها قليلاً فهي لا تعود إلي لمعانها الأصلي إلا بعد غسلها بالماء و الصابون . رغم ذلك أصبحت علاقتي التي تكونت منذ اليوم الأول بها أقوي و أعمق. أحب وجودها بيدي و أحب أن يراها الناس و أحب إسمك عليها الذي لا يراه غيري . أحياناً أسأل نفسي هل كنت سوف أحبها هكذا لو كانت لغيرك؟ و هل أصلاً كان من الممكن أن تحمل إسماً آخر؟

كم من مرة أغضبتني فأظل أنظر إليها بغضب و كأنني أعاقبها بسببك ، و في مرات تشاجرنا فيها بشدة كنت أقوم بخلعها ثم أظل أنظر إليها بحنق و بعد لحظات أهدأ ثم أمد يدي و أرتديها من جديد . و كم مرة كانت تغمرني حالة حبك فأقبلها . و كم مرة كنت قلقة عليك و أنت لا تجيب هاتفك فأظل أنظر إليها بقلق و أسألها عنك . أصبحت الآن عندما أخلعها لغسل يدي و أنساها أشعر و كأن اصبع مني ناقص.

دبلتك في اصبعي هي أنت في قلبي؛ أصبحت لا أستطيع العيش بدونها.





Wednesday, May 14, 2008

تعايش




انْتَبَهْت بعد دقيقتين تقريباً من التحديق في الفراغ أنني اتخذت عدة سنتيمترات للوراء بعد أن أَنْزَلَتْ علَي الخبر كالصاعقة . أقرب الصديقات لي تخبرني أن تحاليلها التي أُجريت لها بشكل روتيني قبل سفرها للعمل بالخارج أظهرت أنها: "HIV positive"!



أتت لتقص لي ما حدث ظناً منها أنني لن أرفضها و أُشعرها بالوصم كالآخرين . أبواها اعتبراها عاراً و قاما بعزلها عن بقية أخوتها . لجأت لخطيبها الذي كان قد تحدد موعد عقد قرانها عليه بعد أسابيع قليلة يقوما بعدها بالسفر معاً للخارج. حاول لآخر وقت أن يحافظ علي نبله و شهامته معها , و لكنه فشل في أن يخفي توتره . بدأ يقول لها كلام من نوع : " حُطي نفسك مكاني " , و " أنا خايف أظلمك " , و " أنا و أولادنا ممكن تنتقل لنا العدوي " . فضلَت أن تحفظ ماء وجهها و ترحل في هدوء .



اقتربْت و احتضنتها . بصراحة كنت حينها ما زلت متوترة و خائفة لا أدري ماذا علي أن أفعل . أحبها كثيراً و لا أتصور الحياة من دونها . تضاربَت داخلي مشاعر من الشفقة و الواجب نحو صديقتي التي لم يعد لها غيري الآن . و لكن آخر شئ قد تحتاجه هي مني هو إحساس الشفقة . هي لا تحتاج أكثر من ألا أختصر كل تفاصيلها في مجرد وعاء لفيروس نقص المناعة البشري "HIV"!




آخرون كتبوا عن نفس الموضوع:

http://men-gowah.blogspot.com




Saturday, May 03, 2008

خلص الكلام





أخيراً تحققت أمنيتهما و كلل الله بالزواج حبهما الذي دام ثمانية أعوام، ستة أعوام حب و عامان خطوبة.

كانت "شهد" في ذلك اليوم-يوم زفافهاعلي حبيبها- تبدو كالملاك في ثوبها الأبيض المرصع بالأحجار المتلآلئة و كانت البسمة تعلو شفتيها و نظرات الحب المتبادلة بينهما لا يمكن أن يخطئها أحد من الحضور.

انتقلت "شهد" لأول مرة من بيت أهلها لبيت آخر بين مشاعر من القلق و فرحة و ثقة بالمحبوب.

مرت الأيام و "شهد" تبذل أقصي ما بوسعها لتسعد "علي"؛ لكن بدأت سعادتها تتناقص . "علي" يذهب كل صباح إلي العمل و يعود في الظهيرة للغذاء ثم يشرب الشاي و هو يشاهد التلفاز أو يقرأ الجريدة ثم يأخذ قسطاً من النوم ليعاود الذهاب للفترة المسائية من العمل. يعود مرة أخري في ساعة متأخرة من الليل، حينها يكون قد استنفذ كل طاقته في العمل فلا وقت إلا ليأكل ’لقمة‘ و ينام ليعاود الاستيقاظ و الذهاب للعمل.
كانت "شهد" تبقي في المنزل بانتظاره لتقوم علي راحته.. و تمر الأيام و لا يتحدثان..

أتت "ياسمين"-أخت شهد الكبري- حيث كانت تزورها بين الحين و الآخر. سألتها كعادتها عن أحوالها فتكتفي "شهد" بقول الحمد لله. فتأخذ "ياسمين" تشكو من زوجها "إبراهيم" ذو ’الخلق الضيق‘ الذي يعنِفها بالكلام لأتفه الأسباب ثم يندم فيأتي لها بهدية ’عليها القيمة‘ فترضي عنه و يعيشا في سلام. ثم لا يلبث أيام فيعاود الكرَة.

ذهبت "ياسمين" و راحت "شهد" تعد العشاء لزوجها الذي أوشك أن يعود من العمل. أتمت زينتها و جلست تنتظر.
عاد "علي" و أثناء العشاء خطر لها أن تسأله عن سبب صمته و لماذا لا يتحدث إليها-و إن كان تعنيفاً كما حال "إبراهيم" و "ياسمين"؟!
أين ذهب الكلام الحلو الذي تعودت عليه أذناها أيام الخطوبة؟! قالت له أنها تشتاق إليه الآن أكثر من أي وقت مضي، رغم أنه بقربها. أجابها ببسمة صفراء تعلو شفتيه:’يا حبيبتي احنا اتكلمنا تمان سنين، مش فاضل حاجة نقولها؛ خلاص خلص الكلام.‘

لملمت "شهد" دموع خيبة أملها و هي تلملم أطباق الطعام الفارغة..
ثم ذهبت لتنام.. و خلص الكلام!


Wednesday, April 23, 2008

عودة





فوجئت إن حوالي 9 شهور مروا من آخر مرة كتبت علي البلوج . مش مصدقة لحد دلوقتي!


بدأت الفترة دي بإن الكمبيوتر باظ حوالي شهرين كانوا كافيين إني تقريباً أنسي طقوسي الخاصة بيه اللي هي طبعاً تشمل متابعة البلوج من وقت للتاني. بعد كده اتشغلت جامد في المذاكرة و إمتحانات البكالوريوس اللي الكمبيوتر اتصلح في وسطها فطبعاً ما كانش في مجال كبير لإستخدامه. خلصت الإمتحانات و لم يعد الكمبيوتر شئ أساسي زي زمان . و رغم إن كانت بتيجي في بالي أفكار كتير أكتب عنها إلا إنِي كل مرة كنت أقول لأ هاستني أرجع للبلوج بحاجة أقوي من كده ؛ و دي النتيجة!!



المهم إني إن شاء الله راجعة أكتب علي البلوج تاني , فبأكتب أي حاجة.






Friday, August 03, 2007

الحمد لله





الحمد لله الأيام الكئيبة اللي فاتت عدت و ربنا عوضني بعدها بيوم سعيد جداً حصلت فيه احتفالات مميزة و أحداث طال إنتظارها .. يوم سعيد يكفي إنه يلغي أي إحساس بالكآبة و الحزن .
أجمل إحساس في الدنيا لما تحس إن ربنا بيطبطب عليك بعد ما تكون زعلان .
يا رب ما تحرمنيش أبداً إحساسي بطبطبتك عليَ .. آمين.