Wednesday, May 14, 2008

تعايش




انْتَبَهْت بعد دقيقتين تقريباً من التحديق في الفراغ أنني اتخذت عدة سنتيمترات للوراء بعد أن أَنْزَلَتْ علَي الخبر كالصاعقة . أقرب الصديقات لي تخبرني أن تحاليلها التي أُجريت لها بشكل روتيني قبل سفرها للعمل بالخارج أظهرت أنها: "HIV positive"!



أتت لتقص لي ما حدث ظناً منها أنني لن أرفضها و أُشعرها بالوصم كالآخرين . أبواها اعتبراها عاراً و قاما بعزلها عن بقية أخوتها . لجأت لخطيبها الذي كان قد تحدد موعد عقد قرانها عليه بعد أسابيع قليلة يقوما بعدها بالسفر معاً للخارج. حاول لآخر وقت أن يحافظ علي نبله و شهامته معها , و لكنه فشل في أن يخفي توتره . بدأ يقول لها كلام من نوع : " حُطي نفسك مكاني " , و " أنا خايف أظلمك " , و " أنا و أولادنا ممكن تنتقل لنا العدوي " . فضلَت أن تحفظ ماء وجهها و ترحل في هدوء .



اقتربْت و احتضنتها . بصراحة كنت حينها ما زلت متوترة و خائفة لا أدري ماذا علي أن أفعل . أحبها كثيراً و لا أتصور الحياة من دونها . تضاربَت داخلي مشاعر من الشفقة و الواجب نحو صديقتي التي لم يعد لها غيري الآن . و لكن آخر شئ قد تحتاجه هي مني هو إحساس الشفقة . هي لا تحتاج أكثر من ألا أختصر كل تفاصيلها في مجرد وعاء لفيروس نقص المناعة البشري "HIV"!




آخرون كتبوا عن نفس الموضوع:

http://men-gowah.blogspot.com




Saturday, May 03, 2008

خلص الكلام





أخيراً تحققت أمنيتهما و كلل الله بالزواج حبهما الذي دام ثمانية أعوام، ستة أعوام حب و عامان خطوبة.

كانت "شهد" في ذلك اليوم-يوم زفافهاعلي حبيبها- تبدو كالملاك في ثوبها الأبيض المرصع بالأحجار المتلآلئة و كانت البسمة تعلو شفتيها و نظرات الحب المتبادلة بينهما لا يمكن أن يخطئها أحد من الحضور.

انتقلت "شهد" لأول مرة من بيت أهلها لبيت آخر بين مشاعر من القلق و فرحة و ثقة بالمحبوب.

مرت الأيام و "شهد" تبذل أقصي ما بوسعها لتسعد "علي"؛ لكن بدأت سعادتها تتناقص . "علي" يذهب كل صباح إلي العمل و يعود في الظهيرة للغذاء ثم يشرب الشاي و هو يشاهد التلفاز أو يقرأ الجريدة ثم يأخذ قسطاً من النوم ليعاود الذهاب للفترة المسائية من العمل. يعود مرة أخري في ساعة متأخرة من الليل، حينها يكون قد استنفذ كل طاقته في العمل فلا وقت إلا ليأكل ’لقمة‘ و ينام ليعاود الاستيقاظ و الذهاب للعمل.
كانت "شهد" تبقي في المنزل بانتظاره لتقوم علي راحته.. و تمر الأيام و لا يتحدثان..

أتت "ياسمين"-أخت شهد الكبري- حيث كانت تزورها بين الحين و الآخر. سألتها كعادتها عن أحوالها فتكتفي "شهد" بقول الحمد لله. فتأخذ "ياسمين" تشكو من زوجها "إبراهيم" ذو ’الخلق الضيق‘ الذي يعنِفها بالكلام لأتفه الأسباب ثم يندم فيأتي لها بهدية ’عليها القيمة‘ فترضي عنه و يعيشا في سلام. ثم لا يلبث أيام فيعاود الكرَة.

ذهبت "ياسمين" و راحت "شهد" تعد العشاء لزوجها الذي أوشك أن يعود من العمل. أتمت زينتها و جلست تنتظر.
عاد "علي" و أثناء العشاء خطر لها أن تسأله عن سبب صمته و لماذا لا يتحدث إليها-و إن كان تعنيفاً كما حال "إبراهيم" و "ياسمين"؟!
أين ذهب الكلام الحلو الذي تعودت عليه أذناها أيام الخطوبة؟! قالت له أنها تشتاق إليه الآن أكثر من أي وقت مضي، رغم أنه بقربها. أجابها ببسمة صفراء تعلو شفتيه:’يا حبيبتي احنا اتكلمنا تمان سنين، مش فاضل حاجة نقولها؛ خلاص خلص الكلام.‘

لملمت "شهد" دموع خيبة أملها و هي تلملم أطباق الطعام الفارغة..
ثم ذهبت لتنام.. و خلص الكلام!