Friday, December 29, 2006

طيَارَة ورق






كنت كسائر الأطفال أنبهرُ حينما أري طائرةً ورقية و أتمني أن أملك واحدة أطيِرُها في السماء . لم أكن أعلم تقنية فعل ذلك , كنت فقط أحملق في الفضاء طويلاً كلما رأيت واحدةً تتهادي مع نسمات الهواء . أحسدها لأنها تستطيع أن تُشاهد العالم من أعلي , و كنت أتساءل لماذا لا يمكنني أن أحلِق علي متْنِها لتريني العالم؟!

مرة وحيدة أحضر لي أبي طائرةً ورقية , لا أذكر كيف كان شكلها و لا أذكر إن كنت طلبتها منه أم أنه أحضرها لي من تلقاءِ نفسه . ما أذكره جيداً أنني كنت خائفة جداً عندما حملتها بين يديَ . حذرني أبي من أن خيطها رقيق و سهل أن ينقطع فعليَ أن أعاملها برفق . ثم تركني وحدي أتولي زمام طائرتي بأناملي الضعيفة . قمت بفك بكرة خيطها فحلَقت عالياً , و انشغلت بطرف الخيط الذي أحمله بيدي . و ما أن قررت رفع رأسي لأراقبها تتمايل فوق المباني – و كأنها سوف تعود لتأتي لي بالمشاهد التي سوف أراها غداً عندما ينْبُت لي جناحين أحلق بهما – حتي تسلل الخيط من بين أصابعي و فارقتني طائرتي , فعلمت أنها لن تعود !

أذكر أني وقتها شعرت بوخزٍ في صدري , و نظرت نظرةً أخيرة إلي طائرتي أمقتُها , ثم مضيت باتجاه أبي أخشي أن يعاتبني لأنني لم أحافظ علي هديته لي , و لكنه لم يذكر الأمر . خبأتُ كفي في كفه الدافئ و مشيت بجواره .



Friday, December 22, 2006

طريق مسدود




وصلت الحياة بيننا إلي طريقٍ مسدود و لم يعد بإستطاعة كل منا أن يلملم أدراجه و يقوم ب "يو تيرن" لنعود من حيث أتينا .

كل منا أصبح ماضياً بطريقه وحده دون اكتراثٍ حقيقي للآخر فباتت طرقنا مختلفة ؛ رغم أننا نمضي بالمركب ذاته , فتمزق المركب مع أحبال الحوار و المودة و التفاهم بيننا.


بدأ الأمر عندما تحولت حياتنا إلي مجموعة من الروتينيات نؤديها كل يوم . نسينا أننا لا نحيا كي نؤديها و إنما نؤديها كي نحيا . حتي لحظاتنا الخاصة؛ كفنجان الشاي نحتسيه في الشرفة المطلة علي النيل نشاهد غروب الشمس ؛ أصبحت دون نكهة . كان علينا أن نُغيِر المشهد حين سئمناه , كان علي أحدنا أن يُحدِث بأنه صار مشهداً مملا .ً في خضم كل ما علينا القيام به و كل الضغوط التي وقعنا تحت أسرها تاهت المشاعر و لم نتدارك الأمر حتي فات الأوان .


لم تعد تُلاحظ عندما أكون حزينة , أو أنك تُلاحظ و لكنك لا تتحمل مواساة أحد و إن كنت أنا هو . و في المقابل أصبحت أصنع الشئ نفسه . تعود من الخارج آخر الليل منهكاً عابساً , فأدَعي أنني لا ألاحظ اغتمامك . أجهز لك العشاء - من باب أن أفعل ما عليَ فعله - بشكلٍ رتيب للغاية . تتناول طعامك بالرتابة ذاتها ثم تخلد للنوم .


نعود بذاكرتنا للوراء نسترجع عندما كانت للحظاتنا سويًا مذاقًا ساحرًا , و يتراكم داخل كل منا اللوم علي الآخر أنه هو المسئول. نُغلِق الأبواب علي ذلك اللوم و نتابع العيش تحسبًا لإنفجار وشيك أو أن يبقي الحال علي ما هو عليه.


هذا السيناريو ما لن أسمح إطلاقًا أن يحدث بيننا !


Friday, December 15, 2006

سؤال



سؤال يشغلني منذ أيام:


"ما الذي يجعلنا نصدق معجزات الخالق التي وردت بالقرآن دون أي شك في صحتها رغم أننا لم نشهدها؟!"

قبل ما حد يضرب- سؤالي ليس استنكارياً .. هو فقط تساؤل . فأنا مثلكم جميعاً خُلِقتْ علي الفطرة و رُبِِيتْ علي حب الله و رسوله و الوطن و الخير, و أصدق معجزات الله و لكني لا أدري لما .

ألتمس منكم إجابات شافية ؛ الهتافات ممنوعة !


Friday, December 08, 2006

الدنيا جميلة




مرة واحدة حسيت قد إيه الدنيا جميلة قوي . حتي الغلط فيها جميل لأنه من حقك تغلط . لما تعرف إن ربنا خلقنا بنغلط علشان نتأسف و نتوب يبقي الله علي ربنا !

لازم تعيش الدنيا بكل ما فيها من جد و هزار و فرح و ألم و غلط . حتي لو صحيت الصبح لقيت ناس قريبين عندهم مشاكل و ناس بتتخانق مع ناس .. أنا مش قلقانة علشان كده هم عايشين و غير كده الدنيا ما تتعاش.

حتي لما بزعل منك مابخافش علشان عارفة إنك هتيجي تصالحني و إني هانام و قلبي بيرقص و علشان أنا ما بزعلش منك بجد لأن أنت في علبة قطيفة جوه خزنة كبيرة (قطيفة برده) في حتة بعيدة جوه في قلبي و لا حتي أنت تقدر تقرب منها!

لما أصحي الصبح يوم الجمعة علي صوت ماما و أختي في الصالة عاملين الشاي و بيفطروا .. أقوم أبوسهم قبل ما أسرح شعري و نفطر سوا و نقعد نرغي ؛ أصلهم وحشوني قوي .. تبقي بجد الدنيا جميلة.

لما قبل ما أنام أقرا في كتابي اللي مستنيني علي مخدتي و ياخدني في دنيا تانية و أنام و أنا مبتسمة.

لما الشتا ييجي و المطرة تنزل تغسل القلوب و أحس بلسعة البرد في صوابعي و طرف مناخيري بس من جوايا الدفا طالع يدفي كل البردانين.
بحب في الشتا أشرب الميَه من التلاجة و أكل آيس كريم في الشارع و أخرج تحت المطرة . بعشق الشتا علشان فيه بحس إني أنا.

بعشق كمان ليل القاهرة علي النيل (في الشتا برده) و وشه بيلمع بنور المباني المعكوس عليه و الميَه رايحة جاية تجيبلي كلام و توديه . بعشقه علشان بيفكرني بيك!

Sunday, October 15, 2006

قيس و ليلي





في أساطير الحكايات يُحكي أن "ليلي" –ابنة العز- كانت حبيسة قصرها الكبير بعد أن حُكِمَ عليها بذلك تفريقاً بينها و بين حبيبها "قيس" –ابن الفقراء الذي لا يحمل حسباً و لا نسباً.

كَلَفَت عاملاً لديها أن يقوم كل يوم بتوصيل ’صينية البسبوسة بالمكسرات‘ - التي تصنعها بنفسها- ل "قيس" تحت شجرةٍ أمام قصرها . اعتاد "قيس" أن يطمئن عليها بوصول البسبوسة فيأكل منها قطعة صغيرة تاركاً أغلبها ل "ليلي" لتأكله بعده. ثم يسأله العامل : "أتريد أن أقول ل ليلي عنك شيئاً؟" فيجيب قيس : "أخبرها أني أحبها و أفتقدها كثيراً" . جري الأمر علي ذلك عدة شهور حتي رحل العامل و اضطرَت إلي استخدام عامل آخر للمهمة.

في اليوم التالي , أرسلت العامل الجديد ب ’البسبوسة‘ و وصفت له "قيس" . ذهب العامل فوجد تحت الشجرة رجلاً أشعث أغبر ممزق الثياب . تقدم نحوه و سأله : "أتعرف قيس؟ فإن السيدة أرسلت له البسبوسة ". أجاب الرجل : "أنا قيس" و شرع في التهام البسبوسة حتي فرغ منها تماماً . سأله رسول "ليلي" : "هل أُبلغ ليلي شيئاً؟"
قال : " أخبرها أن المكسرات كانت قليلة !!"

تعجبت "ليلي" من الصينية الفارغة و كلام "قيس" . مرَت بضع أيام حتي خطرت لها فكرة.
العامل –بدون الصينية هذه المرة-:"ليلي تخبرك أنها تفتقدك كثيراً و تود لو تقطع لها قطعةً من ذِراعك تحتفظ بها لتنظر إليها كلما أحست أنها تريد ان تراك."

الرجل يصيح :" كلا , أنا لست بقيس , بل هو ذلك الحائر الجالس هناك ." ذهب العامل ل "قيس" و أخبره بمطلب "ليلي" . علي الفور قام "قيس بقطع قطعة من ذراعه ثم من الذراع الآخر , و قال للعامل : "كدت أموت قلقاً عليها ؛ أرجوك أبلِغها أني أحبُها و أشتاق إليها. "

إذن المسألة هى : أين نحن من الله؟! أك"قيس" أم كالأشعث من "ليلي" ؟!

و لله المثل الأعلي.

Sunday, October 08, 2006

آه من الحب




في بعض اللحظات ينتابني التفكير أنه ربما من الأفضل العيش بدون أعِزاء. هكذا يكون الأمر أكثر سهولة مما يوفر علينا عناء التعاطف و التأثر بهم حفاظاً علي سلامة أعصابنا.

أثناء رحلة قطار الحياة يتوقف بنا بمحطات يقابلنا فيها بأشخاص يبدو بعدها أن شيئاً لن يعود كما كان. أشخاصٌ يطأون حياتنا ليتركوا بصمات عميقة لأقدامهم في قلوبنا. بعضهم يظلون بالقرب و يظل معهم داخلنا ذلك التوجس من غدر الحياة أن تفقدنا إياهم ؛ نستيقظ كل صباح نتحسس مكانهم , فإننا لن نتحمل فكرة فقدانهم بعد أن أسعدنا القدَر بهم. البعض الآخر يُرسي سفينته بميناءنا ثم يمضي مخلفاً وراءه لمسات تسوِِ لنا أموراً.

كل منا وُلد و وُلدت معه غريزة الحب ؛ الرغبة في أن نُحِب و نُحَب. في الغالب لا تخضع تلك الغريزة للسيطرة أو حتي مجرد التوجيه لاختيارنا , يبدو أنها ذبذبات تلتقي فتتجانس فحسب و لا نملك فيها دوراً . نظل نعمل علي أن نصنع من أنفسنا أشخاصاً يستحقون أن يُحَبوا, غير مدركين كم نبتلي من يحبنا!

إنها لأنانية كبيرة منا أن نطمع في ذلك القدر من الحب رغم تجاربنا بشأن رحيل من أحببنا من قبل , و لا نتهاون في ان نجعل الآخرين يتجرعون من الكأس ذاته دون شفقةٍ أو رحمةٍ.


لماذا لم نُخلق إما أن يحب كل ٍ منا الآخر و لا يفرق بيننا مُفرِق ؛ أو أن نكون جافين كالصحراء لا نبالي و ننجو من عنت الحب.
اللهم لا إعتراض!

Sunday, September 17, 2006

حمداً لله علي سلامتي



12 يوماً هناك كانوا كفيلين بأن يغيروا نظرتي للأمور و يجعلوني أشعر بكل هذا التيه فابدأ رحلة البحث عن نفسي من جديد. وضعوني تحت طائلة التساؤلات عن صحة إعتقاداتي و قيمة ما تحتويه حياتي.

منذ الساعات الأولي من وصولي هناك أصبحت عودتي ثانيةً إلي بيتي حلماً أتوق لأن يتحقق.

لفترة من حياتي كان ذاك البيت بيتي الذي كنت لا أرتاح إلا فيه. أثناء الأيام الماضية كنت أتجول بين أركانه مستحضرةً ذكريات طفولتي و أيام ثانوي التي قضيتها هناك بين أحضان أبي و أمي أنعم بأمانٍ تام. أحب هذا الشعور كثيراً؛ شعور كطفلة تحتاج من يراعيها و لا يكبدها عناء شئ فلا يبقي لها مسئولية تتحملها سوي أن تظل بخير. كيف يمكن أن تُحول كل هذه المشاعر من أمانٍ و استقرارٍ و انتماء إلي شعورٍ موحش بالغربة و الاختناق بين أركان البيت نفسه؟!


لا تسألني لماذا أنا علي هذا الحال الآن, فأنا لا أدري. كل ما أعلمه أنني بحاجة ماسة إلي فترةٍ –تطول أو تقصر- من النقاهة بعد هذا القدر من الاستهلاك العاطفي. لست قادرةً علي التحدث و التعبير عما أشعر به فشعوري لا زال تحت التصنيف.. لم أحدده بعد ؛ حتي أنني عانيت كثيراً حتي أُخرج هذه الحروف إلي الأوراق و سوف تعاني أنت أيضاً في محاولة للخروج بأي معاني منها.

أشعر بإفتقاد كبير لنفسي. لم أعد أدرك ماذا أرغب. فَقَدَت الأشياء نكهتها التي كنت أحسها من ذي قبل . لم تعد - مثلا -ً القراءة تستهويني , لم يعد الخروج مع الأقارب يبهجني , لم تعد كلماتك تُحدث داخلي نفس الرعشة التي عهدتها , لم يعد لفنجان الشاي في الصباح مذاقه المميز.. حتي أن الدموع قد استعصت علي عيني.

أعلم أنه يجب لهذه الأشياء أن تعود لسابق شأنها؛ و أنا في انتظار أن يحدث ذلك .. أرجو ألا تستغرق طويلاً حتي تفعل.

كم أحتاج إلي حضنٍ دافئ يضمني و ينتشلني مما أنا فيه ليضيئ من جديد داخلي ذلك المصباح الذي ما كان ينطفئ أبداً.


عُدت و لم أصبح سعيدة , لماذا؟ أريد أن أستريح فقط . أريد أن أستعيد قدرتي أن أسترق لحظات من الزمان أسند فيها ظهري و أفعل شيئاً أحب فعله؛ أتناول فنجاناً من الشاي , أقرأ كتاباً أختاره مناسباً لحالتي المزاجية , أتبادل أطراف الحديث معك..


في أوج رحلة إعادة حساباتي جئت أنت لتأخذ دورك. كنت قد طلبت مِنِي أن أتخذ من سفري فرصةً للتفكير بصفاء بال دون مؤثرات ؛ و قد فعلت .

تلك الأيام ال 12 أرسخت بداخلي قيمةً لك و لكل من لهم وجود في حياتي. لم أكن أعلم أن لك تلك المساحة الشاسعة من قلبي . وجدت أنني أحب كل ما لمست به حياتي بنبل.

"إلي من علم بصفاء روحه جداول قلبي النقاء ....... !"

كنت قد أهديتك إياها بين نفسي و بيني منذ بضعة شهور و منعني خجلي أن أُطلعك عليها , و لكني الآن أريد أن أفك أسرها من بين ضلوعي فحسب.

قوس قزح




بَنَت من الحبات الذهبية بيتاً صغيراً
رسمت علي أعتابه ملامح حبيبها
و صغاراً يلهون و يقهقهون
تحتضنهم أزهارٌ بألوان قوس قزح
نحتت نفسها شمساً في سمائهم
تدفئ قلوبهم المرتجفة
.ابتهلت .. ما تمنت يوماً أكثر من ذلك
عَلَت الأمواج و جرفت حبات قصرها الرملي
رفعت رأسها للسماء
.لمحت قوسها القزحي ..نَاجَته
حملت قصرها الذهبي بين طيَات قلبها الصغير
ومضت بابتسامة شَجيََة: اللهم لا تعطني ما قد تأخذه مني الأقدار

بسم الله الرحمن الرحيم