Sunday, October 15, 2006

قيس و ليلي





في أساطير الحكايات يُحكي أن "ليلي" –ابنة العز- كانت حبيسة قصرها الكبير بعد أن حُكِمَ عليها بذلك تفريقاً بينها و بين حبيبها "قيس" –ابن الفقراء الذي لا يحمل حسباً و لا نسباً.

كَلَفَت عاملاً لديها أن يقوم كل يوم بتوصيل ’صينية البسبوسة بالمكسرات‘ - التي تصنعها بنفسها- ل "قيس" تحت شجرةٍ أمام قصرها . اعتاد "قيس" أن يطمئن عليها بوصول البسبوسة فيأكل منها قطعة صغيرة تاركاً أغلبها ل "ليلي" لتأكله بعده. ثم يسأله العامل : "أتريد أن أقول ل ليلي عنك شيئاً؟" فيجيب قيس : "أخبرها أني أحبها و أفتقدها كثيراً" . جري الأمر علي ذلك عدة شهور حتي رحل العامل و اضطرَت إلي استخدام عامل آخر للمهمة.

في اليوم التالي , أرسلت العامل الجديد ب ’البسبوسة‘ و وصفت له "قيس" . ذهب العامل فوجد تحت الشجرة رجلاً أشعث أغبر ممزق الثياب . تقدم نحوه و سأله : "أتعرف قيس؟ فإن السيدة أرسلت له البسبوسة ". أجاب الرجل : "أنا قيس" و شرع في التهام البسبوسة حتي فرغ منها تماماً . سأله رسول "ليلي" : "هل أُبلغ ليلي شيئاً؟"
قال : " أخبرها أن المكسرات كانت قليلة !!"

تعجبت "ليلي" من الصينية الفارغة و كلام "قيس" . مرَت بضع أيام حتي خطرت لها فكرة.
العامل –بدون الصينية هذه المرة-:"ليلي تخبرك أنها تفتقدك كثيراً و تود لو تقطع لها قطعةً من ذِراعك تحتفظ بها لتنظر إليها كلما أحست أنها تريد ان تراك."

الرجل يصيح :" كلا , أنا لست بقيس , بل هو ذلك الحائر الجالس هناك ." ذهب العامل ل "قيس" و أخبره بمطلب "ليلي" . علي الفور قام "قيس بقطع قطعة من ذراعه ثم من الذراع الآخر , و قال للعامل : "كدت أموت قلقاً عليها ؛ أرجوك أبلِغها أني أحبُها و أشتاق إليها. "

إذن المسألة هى : أين نحن من الله؟! أك"قيس" أم كالأشعث من "ليلي" ؟!

و لله المثل الأعلي.

Sunday, October 08, 2006

آه من الحب




في بعض اللحظات ينتابني التفكير أنه ربما من الأفضل العيش بدون أعِزاء. هكذا يكون الأمر أكثر سهولة مما يوفر علينا عناء التعاطف و التأثر بهم حفاظاً علي سلامة أعصابنا.

أثناء رحلة قطار الحياة يتوقف بنا بمحطات يقابلنا فيها بأشخاص يبدو بعدها أن شيئاً لن يعود كما كان. أشخاصٌ يطأون حياتنا ليتركوا بصمات عميقة لأقدامهم في قلوبنا. بعضهم يظلون بالقرب و يظل معهم داخلنا ذلك التوجس من غدر الحياة أن تفقدنا إياهم ؛ نستيقظ كل صباح نتحسس مكانهم , فإننا لن نتحمل فكرة فقدانهم بعد أن أسعدنا القدَر بهم. البعض الآخر يُرسي سفينته بميناءنا ثم يمضي مخلفاً وراءه لمسات تسوِِ لنا أموراً.

كل منا وُلد و وُلدت معه غريزة الحب ؛ الرغبة في أن نُحِب و نُحَب. في الغالب لا تخضع تلك الغريزة للسيطرة أو حتي مجرد التوجيه لاختيارنا , يبدو أنها ذبذبات تلتقي فتتجانس فحسب و لا نملك فيها دوراً . نظل نعمل علي أن نصنع من أنفسنا أشخاصاً يستحقون أن يُحَبوا, غير مدركين كم نبتلي من يحبنا!

إنها لأنانية كبيرة منا أن نطمع في ذلك القدر من الحب رغم تجاربنا بشأن رحيل من أحببنا من قبل , و لا نتهاون في ان نجعل الآخرين يتجرعون من الكأس ذاته دون شفقةٍ أو رحمةٍ.


لماذا لم نُخلق إما أن يحب كل ٍ منا الآخر و لا يفرق بيننا مُفرِق ؛ أو أن نكون جافين كالصحراء لا نبالي و ننجو من عنت الحب.
اللهم لا إعتراض!