منذ يومين تقريباً بينما كنت أتجول مع صديقتي بين أروقة الكلية لفت إنتباهنا فتاة تبدو أصغر مِنَا حوالي عامين أو ثلاثة تتحدث إلي ذلك الصبي الذي باتت رؤيته اليومية شيئاً حتمياً علي كل طالب في كليتنا سواء داخلها أو علي الأرصفة المقابلة لها . هو متسولٌ محترف , و ليس لدي فكرة عمَا يحترفه بالإضافة.
هيئته الخارجية نموذج واضح لمن يطلقون عليهم " أطفال الشوارع ". ربما لا يتعدي عمره العشر سنوات إلا أنه يمكنه أن يقذف رعباً في قلبك إن لم تتعلم أنت كيف تخيفه كي يرحل عنك و يتوقف عن إلحاحه . هو لا يعتمد علي ’المسكنة‘ كما يفعل أغلب المتسولون و إنما يعتمد علي ’البلطجة‘. مثلاً يقف إلي جوارك يهمس لك :"إديني حاجة" فتقول له :"ربنا يسَهِلك" فيضيف هو :"إديني حاجة بدل ما أضربك!" إنْ أَصرَرتَ علي موقفك فهو يتعرض لك باستخدام يديه بالفعل , كأن يضربك أو يدفعك ثم يمضي بمنتهي الثقة تاركك خلفه باهتاً غير مدرك ما قد حدث للتو أو كيف تتصرف . حدث هذا الموقف معي و كان بإمكاني أن أقوم بأي رد فعل إيجابي أو حتي سلبي و لكنني لم أفعل لسبيين أولهما أني خشيت أنه قد يحمل معه أي أداة حادة , و الثاني أنني كنت علي عجلة . هذا الكائن رغم صغره إلا أنه ناجح تماماً في أن يربكني بوجوده.
في ذاك اليوم انتابني شعور غريب عندما رأيت تلك الفتاة –المذكورة أعلاه- تتحدث إلي الصبي . بدا يستمع لكلامها بشبه إهتمام . لم أسمع ما كانت تقوله و لكن بدا من الحنان البالغ المرسوم علي ملامحها أن كلامها كان من نوع "ليه تبقي وحش لمََا ممكن تكون حلو!"
أنا:"يا حرام دي طيبة قوي!"
صديقتي:"فاكرة إنها هتغيره بكلامها في الخمس دقايق دول ."
بعدها فكرت أنني منذ فترة ليست ببعيدة كنت لأفعل مثل ما فعلت تلك الفتاة الطيبة و لا أدري لما بالتحديد لم أعد أقوم بذلك. لَطالما شغلني أمر أطفال الشوارع و لا زال إلي درجة أن سيطرتْ عليَ فكرة أن آخذ أحد هؤلاء ليعيش معنا في بيتنا . دائماً أفكر كيف يمكن النهوض بهذه الفئة من البشر التي ليس لها دور في ما هي عليه و ليس لها حيلة عظيمة في تغييره ؛ إذا هبطنا معها إلي أرض المُعطيات المتاحة أمامها.
هؤلاء لم يختبروا حياة أخري و لا يعرفون السبيل لذلك إلا المحظوظين جداً منهم.
أحلم بمؤسسة ؛ أكون جزءًا منها ؛ تعمل علي صنع بشر أسوياء من أطفال الشوارع . أعتقد أن مشكلة هؤلاء الأطفال تكمن في أنهم لا يثيرون تعاطف الناس بشكل يجعل مساعدتهم رد فعل طبيعي كما الحال مع الأيتام علي سبيل المثال . هناك دور أيتام في كل مكان تقدم رعاية علي شتي المستويات ؛ علي الأقل أكثرهم يُؤمِن الحد الأدني المطلوب.
لكن علي الجانب الآخر ليس الكثيرون يهتمون لأمر أطفال الشوارع بصدق ؛ ففي النهاية أغلب الناس –للأسف- ينظرون لهم نظرة دونية , و المساحة التي يشغلونها من أذهاننا لا تتعدي اللحظات اللازمة من أجل التخلص من إلحاحهم.
Tuesday, April 17, 2007
Thursday, April 05, 2007
روبي
بمناسبة إصدار الألبوم الجديد ل "روبي" في الأسواق و ما أحدثه من ضجة إعلامية و تدوينية تجعلني لا أتصفح جريدة أو مدونة إلا لأجد إسمها في الصدارة . أثار ذلك فضولي أن أسمع الشريط خاصةً بعد أن أشار الجميع إلي جودة صناعته الفنية من حيث الموسيقي و الكلمات و الأداء . فعلاً قمت بتحميل الأغاني و استمعت إليها و نالت إعجابي و دهشتي . شعرت أن " روبي" تحاول أن تُثبت أن لها أهداف أعمق من تلك التي انطبعت في أذهاننا مما قدمته في السابق .
المهم هو أن بعض الأغاني في هذا الشريط الأخير ذكرتني بنوع أغاني زمن الطرب الأصيل , كأغاني السيدة "أم كلثوم" مثلاً مع حفظ فارق الأداء الغنائي بالتأكيد . تسلل إلي ذهني التساؤل الأبدي : هل الغناء حرام أم حلال؟! كلما كان يدور هذا التساؤل داخلي كنت أحسمه بأنه لا يمكن للغناء أن يكون حرام برمته ؛ إنما أوجه الحرمانية فيه تعتمد علي القيمة التي يقدمها . بالتأكيد يوجد ما هو حرام صريح في عالم الغناء مما يشكل –للأسف- قاعدة عريضة مما يعرض علي مسامعنا و أبصارنا في تلك الآونة , كأمثال السيدة " هيفاء " و الآنسة المصونة "دانا" أو " دُندُن " أو " دودو " بحسب أغنيتها الأخيرة ؛ دون الخوض في القيمة الحقيقية – أو بالأحري الهدف – وراء مثل تلك الأغنيات و بهذا الشكل بالتحديد .
علي الجانب الآخر كيف يمكن أن تكون " أم كلثوم" حرام؟! "أم كلثوم" التي كانت تحفظ القرآن و صاحبة الصوت الأجش الذي لم يكن يتخلله أي فتنة أو خضوع في القول . "أم كلثوم" كانت رمزاً في حد ذاتها و لا أتوقع أنها تتعذب الآن في الجحيم لأنها كانت تغني ؛ و الله أعلم . كذلك "عبد الحليم حافظ " كان أسطورة عن جدارة . نجح في أن يبث جرعة كبيرة من الحب في قلوب الناس , و حماسة و عزة أيضاً أثناء الحرب مما جعل دوره لا يقل عن دور الجنود في الجبهة في ذلك الحين .
مهما اختلفنا علي الإستماع الحقيقي لهؤلاء –و أنا لست من مفضلي الإستماع لهم - إلا أننا لا ننكرعليهم مساحة واسعة من الإحترام فرضوه علينا بكل ما قدموه و بذلوه من أجل أن يصلوا إلي أجيالنا و أجيال و أجيال تلينا بذات القدر من الرقي .
السؤال هو :" هل روبي بشريطها الجديد ارتقت إلي الغناء الذي – ربما- يكون غير حرام ؟! "
Monday, April 02, 2007
2/4/2007
هذه الأيام أشعر بأطياف حبك تغمرني . أحبك بشكل خاص جداً . الآن أشعر أنه من حقي أن أقول لك " حبيبي" لأنك فعلاً حبيبي جداً و ليس لدي من هو أغلي منك .
اليوم يوم مميز للغاية , ليس فقط لأنه عيد ميلادك و لكن أيضاً اليوم يمر شهر علي قراءة فاتحتنا . أتذكر الآن هذا اليوم بتفاصيله . كيف خططت لشكل جلوسنا قبل قدومكم و كيف أخذ شكل مختلف تماماً . و كيف كنت ارتجف قبل أن أدخل غرفة الصالون و كم كنت خجولة حينئذ .
الطريف في الأمر أنني كنت طوال الحديث أنتظر أن يُقال شئ يخصنا و عندما تطرق الحديث لذلك لم أستعب ما يُقال , و عندما قالوا :" نقرا الفاتحة" لم أدرك ماذا علي أن أفعل الآن و ’ هَنِجْت ‘ للحظات حاولت فيها أن أتذكر الفاتحة ! أقرأها كل يوم في كل صلاة و خارج الصلاة , إلا أنها هذه المرة كانت لها نكهة مختلفة . حاولت أن أتمعن في معانيها أثناء قراءتها إلا أنني وجدت أنهم أنهوها و أنا أبدأها تقريباً ؛ فأسرعت . قالوا :" آآآآآآمين " ثم "مبروك" ؛ و هكذا قرأنا فاتحتنا .
ألف مبروك , و كل سنة و أنت طيب يا حبيبي !