Tuesday, April 17, 2007



منذ يومين تقريباً بينما كنت أتجول مع صديقتي بين أروقة الكلية لفت إنتباهنا فتاة تبدو أصغر مِنَا حوالي عامين أو ثلاثة تتحدث إلي ذلك الصبي الذي باتت رؤيته اليومية شيئاً حتمياً علي كل طالب في كليتنا سواء داخلها أو علي الأرصفة المقابلة لها . هو متسولٌ محترف , و ليس لدي فكرة عمَا يحترفه بالإضافة.
هيئته الخارجية نموذج واضح لمن يطلقون عليهم " أطفال الشوارع ". ربما لا يتعدي عمره العشر سنوات إلا أنه يمكنه أن يقذف رعباً في قلبك إن لم تتعلم أنت كيف تخيفه كي يرحل عنك و يتوقف عن إلحاحه . هو لا يعتمد علي ’المسكنة‘ كما يفعل أغلب المتسولون و إنما يعتمد علي ’البلطجة‘. مثلاً يقف إلي جوارك يهمس لك :"إديني حاجة" فتقول له :"ربنا يسَهِلك" فيضيف هو :"إديني حاجة بدل ما أضربك!" إنْ أَصرَرتَ علي موقفك فهو يتعرض لك باستخدام يديه بالفعل , كأن يضربك أو يدفعك ثم يمضي بمنتهي الثقة تاركك خلفه باهتاً غير مدرك ما قد حدث للتو أو كيف تتصرف . حدث هذا الموقف معي و كان بإمكاني أن أقوم بأي رد فعل إيجابي أو حتي سلبي و لكنني لم أفعل لسبيين أولهما أني خشيت أنه قد يحمل معه أي أداة حادة , و الثاني أنني كنت علي عجلة . هذا الكائن رغم صغره إلا أنه ناجح تماماً في أن يربكني بوجوده.

في ذاك اليوم انتابني شعور غريب عندما رأيت تلك الفتاة –المذكورة أعلاه- تتحدث إلي الصبي . بدا يستمع لكلامها بشبه إهتمام . لم أسمع ما كانت تقوله و لكن بدا من الحنان البالغ المرسوم علي ملامحها أن كلامها كان من نوع "ليه تبقي وحش لمََا ممكن تكون حلو!"
أنا:"يا حرام دي طيبة قوي!"
صديقتي:"فاكرة إنها هتغيره بكلامها في الخمس دقايق دول .
"
بعدها فكرت أنني منذ فترة ليست ببعيدة كنت لأفعل مثل ما فعلت تلك الفتاة الطيبة و لا أدري لما بالتحديد لم أعد أقوم بذلك. لَطالما شغلني أمر أطفال الشوارع و لا زال إلي درجة أن سيطرتْ عليَ فكرة أن آخذ أحد هؤلاء ليعيش معنا في بيتنا . دائماً أفكر كيف يمكن النهوض بهذه الفئة من البشر التي ليس لها دور في ما هي عليه و ليس لها حيلة عظيمة في تغييره ؛ إذا هبطنا معها إلي أرض المُعطيات المتاحة أمامها.
هؤلاء لم يختبروا حياة أخري و لا يعرفون السبيل لذلك إلا المحظوظين جداً منهم.

أحلم بمؤسسة ؛ أكون جزءًا منها ؛ تعمل علي صنع بشر أسوياء من أطفال الشوارع . أعتقد أن مشكلة هؤلاء الأطفال تكمن في أنهم لا يثيرون تعاطف الناس بشكل يجعل مساعدتهم رد فعل طبيعي كما الحال مع الأيتام علي سبيل المثال . هناك دور أيتام في كل مكان تقدم رعاية علي شتي المستويات ؛ علي الأقل أكثرهم يُؤمِن الحد الأدني المطلوب.
لكن علي الجانب الآخر ليس الكثيرون يهتمون لأمر أطفال الشوارع بصدق ؛ ففي النهاية أغلب الناس –للأسف- ينظرون لهم نظرة دونية , و المساحة التي يشغلونها من أذهاننا لا تتعدي اللحظات اللازمة من أجل التخلص من إلحاحهم.

2 comments:

شغف said...

على فكرة تقريبا دي ظاهرة عامة

:

انك تفكر في أطفال الشوارع و تتخيل حلول مثالية ما لهم

ثم تمضي في طريقك و كأنك قد مارست انسانيتك و رهافة مشاعرك في تلك اللحظات الضئيلة التي أعرت تفكيرك لهم فيها


لماذا نفعل ذلك ؟
و لماذا لا نحاول اهتماما جديا - كمثل تلك الفتاة التي تحدثت إلى أحدهم - ع الأقل ؟


حقا لا أعرف

أشعر - و لأتحدثن عن نفسي باعتباري أحد هؤلاء - أن التفكير في هؤلاء البؤساء غدا نوع من الترف الانساني --- فقط ليشعر المرء أنه مازال بشرا

هل هناك من حل ؟

عقد الياسمين said...

السلام عليكم

فعلا دي مشكلة موجودة

و لو حتي إحنا اتكلمنا مع حد منهم

و دا صدقوني فعلا سهل

بس المشكلة

هل الاطفال دي فعلا معندهاش أهل ؟؟!!

أنا أعرف بنت لو هيطلق عليها أطفال شوراع

مامتها شايفاها بعينها بتشحت

و بتقول ألفاظ مش كويسه

المسألة دي بجد

مشكلة و عايزة تدخل علي مستوي كبير

أوي علي الأقل

إتحااااااااااااد


تحياتي و تقديري لك و للموضوع الرائع